fbpx

أرقام هزيلة وكلفة باهظة لماذا تخلف الدفع الإلكتروني بالجزائر

أرقام هزيلة وكلفة باهظة لماذا تخلف الدفع الإلكتروني بالجزائر
أرقام هزيلة وكلفة باهظة لماذا تخلف الدفع الإلكتروني بالجزائر

مع انتشار الإنترنت واتساع رقعة استخدامه في العالم، رفعت الدول المتقدمة في مطلع

تسعينيات القرن الماضي رهان محو الأمية الحاسوبية والمعلوماتية والتكنولوجية، متجاوزة بذلك المفهوم التقليدي للأمية الأبجدية.

وبتوسع الاستعمال اليومي لتقنيات المعلوماتية في الفضاء العام، ظهر اليوم جيل جديد

من المعاملات المالية عن طريق الدفع الإلكتروني، يقوم على تكنولوجيا الإنترنت

والاتصالات من ناحية، والأنظمة الذكية المرتبطة بالبنوك وشركات الأموال المتخصصة من ناحية أخرى.

وبذلك، صار في متناول أي شخص تحويل أموال أو إجراء عملية شراء من أي

مكان في العالم من دون أن يغادر منزله، وفي وقت قياسي.

قد يبدو هذا الكلام للقارئ المنفتح على العصر من دون قيمة خبرية، ولا يضيف

معلومة جديدة في الموضوع، لكن الحال مختلفة في الجزائر، حيث تعاني -حسب رأي خبراء-

من تخلف كبير في مجال الدفع الإلكتروني، يمكن أن نصطلح عليه “بالأمية التجارية”، قياسا إلى طغيان المعاملات التقليدية، بل وتحكم السوق السوداء في حركة الأموال.

وحيثما وليت وجهك هناك، وجدت الطوابير مزدحمة في المؤسسات العمومية والفضاءات

التجارية والوكالات الخدماتية وسواها، وتصادف مواطنين “مجبرين” على المخاطرة بحمل

حزم من الأوراق النقدية، يضيعون وقتا طويلا وثمينا لأجل قضاء حاجات بسيطة، كان في

وسعهم تنفيذها دون عناء التنقل ولا مشقة الانتظار، لو توفرت خدمة التكنولوجيا وثقافة التعامل معها.

وينتشر في الجزائر على نطاق واسع جدا استعمال الهواتف الذكية، حيث يبحر من خلالها

المستخدمون إلى عوالم البحث والأخبار والتواصل الاجتماعي وعروض التجارة والترفيه، كما

يحمل الملايين منهم البطاقات البنكية والبريدية، غير أن الأغلبية يحجمون عن ولوج عالم الدفع الإلكتروني.

قبل أيام صدر قرار من السلطات السعودية بحرمان أربعمئة ألف جزائري من أداء العمرة إذا لم يتم الدفع عبر المنصة الإلكترونية

قبل أيام صدر قرار من السلطات السعودية بحرمان أربعمئة ألف جزائري من أداء العمرة إذا لم يتم الدفع عبر المنصة الإلكترونية

رب ضارة نافعة
ظل الجميع -سلطات ومواطنون- غافلين ومتعايشين مع التأخر الفادح في مجال المعاملات الإلكترونية، حتى استيقظوا فجأة على قرار السلطات السعودية قبل أيام بحرمان أربعمئة ألف جزائري، وهو المعدل السنوي الوطني لزوار البقاع

المقدسة، من أداء العمرة، إذا لم تلتزم وكالات السياحة بالدفع عبر الإلكترونية.

وبعد مفاوضات شاقة، رمت فيها الدبلوماسية الرسمية بثقلها، استثنت المملكة

بصفة مؤقتة 15 ألف معتمر خلال الموسم الجاري للمولد النبوي الشريف، حتى
الاتفاق على صيغة نهائية لحل الأزمة، لكن السؤال الأكبر هو متى تنتهي معضلة البلاد والعباد مع التخلف التكنولوجي؟

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة، لأن المسؤولين يقدمون الأرقام كدليل على

جهود الحكومة في تعميم الدفع الإلكتروني، في حين يشتكي المتعاملون

من عراقيل مادية، كما يثير عنصر الثقة مخاوف عديدة لدى المستهلك.

وبلغة الإحصاءات، بلغ عدد بطاقات الدفع البنكية المُسلَّمة 2.2 مليون بطاقة

حتى نهاية يونيو/حزيران 2019، مع أكثر من 21 ألف نهائي للدفع الإلكتروني

والترخيص لـ32 موقعا تجاريا إلكترونيا، مقابل تسجيل 122 ألف عملية دفع إلكتروني

مباشر فقط، و90 ألف عملية بيع عبر الإنترنت، وفقا لحصيلة هيئة ضبط النقد الآلي.

يحدث ذلك رغم استكمال المنظومة التشريعية على مدار 25 سنة، آخرها

تقنين التجارة الإلكترونية، وإلزام قانون المالية التجار بالتزود بنهائيات الدفع الإلكتروني مع نهاية 2019.

“لوبيات” معطلة
ويبدي رضا طير، خبير الاقتصاد السلوكي، خجله من “التخلف الرهيب في مجال

الدفع الإلكتروني بالجزائر، حيث أصبح محط كل الأنظار في العالم، وانعكس سلبا

على صورة البلد وإمكاناته وطموحه، في ظل نظام معولم وأكثر قوة، من ناحية كفاءة أنظمة المعلومات المالية والتقنية”.

وفسر للجزيرة نت الوضع بضعف الإرادة السياسية، بسبب سيطرة “لوبيات” ريعية، تشتغل أساسا في الأسواق العينية والنقدية الموازية، التي لا يمكنها أن تتعايش مع رقمنة الإدارة.

وأضاف أن الجماعات البيروقراطية تنتعش من أموال مجهولة المصدر في الغالب، وتشغلها في إطار عمليات تبييض بأسواق مثل العقار والسيارات.

وأكد أنها عطلت كافة المشاريع العمومية في ميدان المالية والنقد والضرائب

والأنظمة التجارية، بهدف إيجاد حالات الارتياب في البيانات، والمحافظة على معدل الاستفادة بطريقة متسارعة.

ومن أهم مظاهر ذلك التعطيل -كما يوضح المتحدث- هو إجهاض عمليات الإمضاء

والمصادقة الإلكترونيين، وهما قاعدة عمل الدفع الإلكتروني، مما عقّد أكثر فأكثر مهمة الحكومة.

وجزم بوجود تكلفة باهظة يتحملها الاقتصاد الوطني جراء تلك الممارسات، على عكس بلدان أفريقية نجحت في إرساء الدفع الإلكتروني بإمكانات محلية.

الخبير الدولي في المعلوماتية يونس قرار: إنجاح الدفع الإلكتروني بحاجة إلى بنية تحتية فعالة وآمنة

الخبير الدولي في المعلوماتية يونس قرار إنجاح الدفع الإلكتروني بحاجة إلى بنية تحتية فعالة وآمنة

ثقة وسلوك
ويقر الخبير رضا طير في تشخيص المشكلة بعدم ثقة المستهلك الجزائري في أنظمة

الدفع الإلكتروني، نظرا لتجارب جزئية قامت بها البنوك ومختلف المتعاملين الاقتصاديين، وأثبتت إمكانية اختراقها من أطراف خارجية.

وقال الخبير إن سلوك الفرد يخضع للتفسير العقلاني، إذ في ظل محيط اقتصادي

يتيح التعامل بالأدوات غير الشرعية أحيانا، كنظام الحوالة، ويتصف بعدم ضبط سوق

العملة والمداخيل وبنية الاستهلاك العائلي والمؤسساتي، فإنه من الطبيعي جدا أن

يتخلى هذا الفرد عن كل ما هو مطروح ومتعارف عليه تكنولوجيا، بدافع التهرب الضريبي

والغش التجاري، وحتى الاحتيال، لأن فارق الربح أعلى في هذا الاتجاه، عكس ما يمكن ملاحظته في الأنظمة الراقية للدفع الإلكتروني.

الوسائل والاتصال
ولإنجاح هذه المبادرة الإلكترونية، اشترط الخبير الدولي في المعلوماتية يونس قرار

توفير البنية التحتية وشبكة ربط بالإنترنت ذات تدفق سريع ونوعية جيدة بين المستعمل

من حاسوبه أو هاتفه الذكي والمؤسسات البنكية التي يتعامل معها التاجر والمشتري، والمؤسسة المكلفة بالنقل وكذلك شركة التأمين، حيث تكون فعالة طوال أيام الأسبوع من دون انقطاع، ناهيك عن ضمان حلول لتأمين الأجهزة والشبكة

والبرامج ضد الفيروسات والاختراقات والتعطيل.

كما شدد على ضرورة تمكين المتاجر من نهائيات الدفع الإلكتروني بأسعار معقولة

ومدعمة، ثم السهر على تطبيق الإطار القانوني لمعالجة الاختلالات والنزاعات التي تقع جراء هذه المعاملات الإلكترونية.

ودعا في تصريح للجزيرة نت إلى حملة توعية حول أهمية المعاملات الإلكترونية

في تنمية الاقتصاد وتحسين معيشة المواطن، وكذلك محاربة الرشوة والفساد والتهرب الضريبي والمساعدة على امتصاص جزء من السوق الموازية.

تابعوا آخر المقالات عن التجارة الإلكترونية عبر Google newsPhoto of White Beach in Boracay, Philippines
المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع تخيل Takhail لـ التجارة الإلكترونية.