ألزمت الحكومة المتعاملين الاقتصاديين،على وضع وسائل الدفع الإلكتروني، حتى تسمح لهم بدفع ثمن مشترياتهم باستعمال بطاقات الدفع الإلكتروني، وفي وقت أمهلتهم مدة سنة واحدة لاستخدام وسيلة الدفع الحديثة، أقرت غرامة بـ50 ألف دينار في حال الإخلال بالالتزام، وبذلك تكون قد وضعت آلية جديدة لاستقطاب الأموال الموجودة خارج الداوئر الرسمية، كما قطعت طريق التهرب الضريبي.
ومراعاة لضرورة تكيف جميع المتعاملين الإقتصاديين مع الإجراء الجديد، أشارت المادة القانونية إلى أنه يتعين على المتعاملين الاقتصاديين الامتثال لأحكام هذه المادة في أجل أقصاه سنة واحدة ابتداء من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وعلى اعتبار أن المادة تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2018 فإلزامية الدفع الإلكتروني ستصبح سارية بداية من جانفي 2019، وبعد هذا التاريخ فعدم الالتزام يضع مخالف الإجراء تحت طائلة العقوبة المتمثلة في الغرامة المالية.
الإجراء الجديد الذي يعد أحد آليات ممارسة الرقابة على حركة الأموال، وكذا مكافحة التهرب الضريبي، بررته الحكومة بالحاجة لتعميم وسائل الدفع الإلكتروني، من خلال إلزام المتعاملين الاقتصاديين بأن يجعلوا في متناول المستهلك وسائل للدفع الإلكتروني، هذه التقنية التي توفر للمستهلك الخيار في دفع ثمن مشترياته بطريقة الكترونية، ستمكن الجهاز التنفيذي من إبقاء حركات الأموال في الدائرة الرسمية، هذه الحركات التي طالما أرقت الحكومات المتعاقبة بسبب بقائها خارج الدائرة الرسمية أو ما يعرف بالأموال التي تدور في السوق الموازية والتي تضاربت بخصوص حجمها تصريحات مسؤولي الجهاز التنفيذي، ففي وقت قدرها الوزير الأول السابق عبد المالك سلال بـ3700 مليار دينار، قال الوزير الأول الحالي أحمد أويحيي أنها لا تتجاوز 2000 مليار دينار.
الحكومة تحاول بإقرار إلزامية الدفع الإلكتروني استقطاب الأموال الموجودة في السوق الموازية، وذلك بعد أن ظهرت عدم جدوى الإجراء الذي سبق وأن أقرته لتحقيق نفس الهدف ضمن قانون المالية لسنة 2015 وأطلقت عليه يومها التسريح الطوعي، وهو عبارة عن إيداع للأموال المكدسة لدى أصحابها، لدى البنوك في مقابل اقتطاع نسبة 7 بالمائة من حجم هذه الأموال.
الإجراء يعتبر آلية كذلك لتحسين تتبع عمليات الدفع، ناهيك عن جدواه كآلية من آليات الرقابة، فالمتابعون للمجال المالي، يعتقدون أن وسائل الدفع الإلكترونية ستوفر لمصالح الضرائب أرضية بيانات يمكن اللجوء إليها لقطع طريق التهرب الضريبي، والتصريحات المغلوطة والتي عادة ما أدت الى إقرار “تصحيحات” ضريبية.
الإجراء في جانبه الخفي يجعل الجزائر تفي بأحد تعهداتها الدولية المتعلقة بالرقابة على حركة رؤوس الأموال، وقطع طريقها لتمويل النشطات غير المشروعة.
اترك رد