fbpx

أهمية وجهات التسوق الكبرى في عالم تسوده التجارة الإلكترونية

مع بلوغ حجم التجارة الإلكترونية مستويات عالية غير مسبوقة يتوقع لها أن تتجاوز 27 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2020، بدأت مراكز التسوق التقليدية تشعر بالخطر، حيث باتت أمام خيارين: إما إجراء تعديلات جذرية على آلية عملها، وإما مواجهة المصير المشؤوم لتتحول إلى ’مراكز مهجورة‘ كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية.

مع بلوغ حجم التجارة الإلكترونية مستويات عالية غير مسبوقة يتوقع لها أن تتجاوز 27 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2020، بدأت مراكز التسوق التقليدية تشعر بالخطر، حيث باتت أمام خيارين: إما إجراء تعديلات جذرية على آلية عملها، وإما مواجهة المصير المشؤوم لتتحول إلى ’مراكز مهجورة‘ كما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي هذا السياق، يمكن استخلاص الكثير من الإيجابيات النمو المستمر المُحقق في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث شهدت المنطقة ثورة في قطاع البيع بالتجزئة خلال وقت قصير للغاية، وخاصة قطاع مراكز التسوق الذي سجل نمواً بسرعة كبيرة أقل ما يقال فيها أنها غيرت الموازين كلياً.

ويشير تقرير صادر عن ’غرفة دبي‘ إلى أن قيمة قطاع التجزئة في البلاد ستصل إلى 71 مليار دولار أمريكي خلال السنوات الأربع المقبلة، في حين قدرت شركة ’سي بي ريتشارد إليس‘ مساحات تجارة التجزئة قيد التطوير في دبي وأبوظبي مجتمعتين بأكثر من 626 ألف متر مربع (حوالي 6.7 مليون قدم مربع) عام 2016.

ومع ذلك تشهد قواعد اللعبة تغيراً في يومنا هذا؛ حيث بات قطاع التجارة الإلكترونية -والذي من المتوقع أن ينمو من 20 مليار دولار أمريكي إلى أكثر من 200 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2020 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- يشكل تهديداً لأركان قطاع المراكز التجارية والذي لا يزال يسجل نمواً كبيراً سواءً على مستوى الإقبال أو في مبيعات الشركات المستأجرة.

ويحقق بعض اللاعبين الإقليميين تطوراً هاماً مرتكزين إلى عدة نقاط قوة مميزة في السوق، مثل منصة التجارة الإلكترونية Noon.com، الذي أطلقها محمد العبار، والتي اعتمدت على طاقم من الموظفين الأكفاء ومحفظة واسعة من المنتجات الحصرية.

وفي ضوء هذا المشهد سريع التطور، إلى متى ستستطيع لمراكز التسوق الحفاظ على قدرتها التنافسية خاصة في مواجهة هجمة التجارة الإلكترونية؟ وكيف سيؤثر الاستحواذ الذي جرى مؤخراً على موقع souq.com، منصة التجزئة الإلكترونية الأهم على مستوى المنطقة من قبل عملاق التجارة العالمي ’أمازون‘ الذي غير مشهد تجارة التجزئة في مختلف أنحاء العالم، على عمل مراكز التسوق؟ وكيف سيؤدي قدوم لاعبين جدد في قطاع تجارة التجزئة الإلكترونية إلى المزيد من الانقسام في السوق؟

في الوقت الحالي تعتبر كل الإجابات على هذه الأسئلة مجرد تخمينات شخصية؛ ولكن يمكننا أن نشير إلى وجود200 مليون عربي ينتمون إلى فئة الشباب وجيل الألفية، من ذوي الخبرة في مجال التكنولوجيا، والذين سيقودون ثورة تجارة التجزئة الإلكترونية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأن نأمل أن تحتفظ مراكز التسوق التقليدية بمكانتها الهامة بفضل تجربة “التسوق والنزهة العائلية”.

ولكن الأمل يعد عملة ضعيفة في عالم الأعمال الكبير، اليوم أكثر من أي وقت مضى، في حين تفتح المنطقة ذراعيها على وسعهما للتحول الرقمي، وليبقى أمام المراكز التجارية خياران لا ثالث لهما: التكيف أو الانقراض.

وتقدم فئتان مختلفتان من مراكز التسوق مثالاً يحتذى على مستوى قطاع المراكز التجارية من خلال اعتماد استراتيجية مدروسة تتيح، للمراكز التجارية الحفاظ لا على مكانتها وقدرتها التنافسية فحسب، بل وعلى نموها أيضاً، وكلاهما يلائمان تماماً الواقع في دولة الإمارات العربية المتحدة.

المجموعة الأولى هي وجهات التسوق الكبرى، حيث تضم هذه المراكز التجارية الإقليمية مساحات واسعة ومساحات كبيرة للتأجير ضمن صرح عمراني ضخم وتصميم داخلي وأجواء صاخبة تضمن للزوار تجربة غنية. وتقدم هذه المراكز عادةً مجموعة متنوعة من منتجات التجزئة تتراوح بين المستوى العادي والفاخر إضافة خيارات المأكولات والمشروبات وأماكن الجذب الترفيهية.

تعزز خيارات المأكولات والمشروبات وأماكن الجذب الترفيهية من ’تجربة نمط الحياة العصرية‘ التي تعد بها وجهات التسوق الكبرى، وهذا ما يمكنها من إثبات قدرتها على التكيف مع هجمة التجارة الإلكترونية؛ حيث تواصل هذه المراكز استقطاب الزوار بوصفها وجهات يمكن زيارتها بصحبة العائلة أو الأصدقاء للتسوق حسب الرغبة. وشهدت عروض الأغذية والمشروبات نمواً كبيراً منذ عام 2009 في الولايات المتحدة، حيث تواصل مراكز التسوق إعادة تجديد نفسها لتصبح أكثر صلة بالمجتمعات المحيطة بها ولتعزيز مستوى الإقبال عليها.

ويتجسد الإقبال المستمر على وجهات التسوق الكبرى في دبي في الشعبية الواسعة التي تتمتع بها المعالم الترفيهية مثل أحواض السمك ومنحدرات التزلج وعروض النوافير والمتنزهات الداخلية؛ والتي تضفي التميز إلى المراكز التجارية وتسمح لها بنسج شبكة من العملاء الدائمين.

وغالباً ما تختار وجهات التسوق الكبرى مستأجري البيع بالتجزئة حسب قيمة علامتهم التجارية ومكانتها والتجارب المميزة التي تقدمها للعملاء. وهنالك أيضاً زيادة بالتركيز على التصميم والجوانب الرقمية للمتاجر لتكون منسجمة مع الطابع العام للمركز التجاري، وهذا ما ينعكس جلياً في خيارات المأكولات والمشروبات وأماكن الجذب الترفيهية ونراه واضحاً من خلال النجاح الذي حققته مراكز تجارية مثل ’مول أمريكا‘ في بلومينغتون، مينيسوتا؛ و’غراند كانال شوبس‘ في لاس فيغاس؛ و’ماكاو‘ في باريس؛ والعديد غير ذلك. وعادةً لا تقع وجهات التسوق الكبرى- بحكم حجمها الكبير – في قلب المدينة، على الرغم من وجود استثناءات هنا في دبي؛ ومع ذلك، فنظراً للنمو السريع الذي تشهده المدن، فإن إنشاء وجهات التسوق الكبرى في مراكز المدن سيزداد صعوبة مع مرور الوقت.

ويضم المشهد التجاري في دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم مراكز تسوق ضخمة يتم تأسيسها في ضواحي المدينة، والتي سيعتمد نجاحها في استقطاب الزوار بشكل دائم على تجارب نمط الحياة الفريدة التي تقدمها، وليس فقط مجرد خيارات البيع بالتجزئة.

أما النوع الثاني من مراكز التسوق الذي حقق نجاحاً ملحوظاً هي مراكز التسوق المرورية، والتي تقدم تجربة مراكز التسوق في قلب المدينة، حيث لا يمكن تمييز حد واضح بين المدينة والمركز التجاري، لأن هذه المراكز تقع في العقد الحضرية، حيث تجتمع مراكز النقل والمساكن والمكاتب ومراكز البيع بالتجزئة. (وتعد مراكز التسوق مثل ’ذا أوكولوس‘ في نيويورك، و’إليمنتس‘ في هونج كونج، و’كينغ كروس‘ في لندن أمثلة رائعة على الاندماج السلس بين المدن والمراكز التجارية).

وتمتلك إمارة دبي فرصة أخرى لتطوير المشاريع المرتبطة بنقاط المواصلات، وذلك بفضل شبكة المترو المتطورة جداً التي لا تزال تشهد توسعاً مستمراً. وتعتبر محطة المترو ’سان-لازار‘ في باريس مثالاً رائعاً على تجربة مراكز التسوق المرتبطة بشبكات النقل العام، وكذلك بعض ’الأحياء التجارية‘ في هونغ كونغ والتي طورتها شركة ’إم تي آر‘ وهي إحدى شركات السكك الحديدية الرائدة في العالم

وتتطلب المشاريع المرتبطة بنقاط المواصلات تنسيقاً وثيقاً بين مخططي المدن وشركات النقل ومطوري مراكز التسوق، مما سيؤدي بدوره إلى توفير عقدة حضرية ذات قيمة مضافة لا تقتصر فائدتها على دعم مشغلي خطوط النقل فحسب، وإنما أيضاً على الاقتصاد بمستوياته الكبرى.

ومع تركيز دولة الإمارات العربية المتحدة على تحقيق تنمية حضرية مستدامة وذكية، وعلى تعزيز وسائل النقل العام، فضلاً عن تشجيع ثقافة المشي – تمتلك الدولة فرصة هائلة لتطوير مراكز التسوق المرورية..

ولمواجهة شبح التجارة الإلكترونية، من الضروري أن يبدأ مشغلي ومطوري مراكز التسوق بالتفكير خارج المألوف والاستفادة من هذين النموذجين الهامين لمراكز التسوق واللذين يوفران إمكانات قوية لتحقيق النمو المستدام؛ حيث سيشكل هذا التغيير في النهج مفتاح ازدهار للمراكز التجارية في المستقبل.

تابعوا آخر المقالات عن التجارة الإلكترونية عبر Google newsPhoto of White Beach in Boracay, Philippines
المؤسس و الرئيس التنفيذي لموقع تخيل Takhail لـ التجارة الإلكترونية.