چيف بيزوس Jeffery P. Bezos
ولد جيف بيزوس في الثاني عشر من يناير عام 1964 في ولاية نيوميكسيكو الأمريكية، لم تستمر علاقة الزواج بين والدته ووالده الأصليين لأكثر من عام بعد ولادته، فتزوجت حينما بلغ جيف سن الرابعة من رجل يدعي مايك بيزوس الكوبي الأصل وكانت عائلة ميسورة الحال بشكل كبير، انتقلوا بعدها جميعا إلي ولاية هيوستن الأمريكية للإقامة والعمل. أظهر بيزوس في سن مبكرة اهتماما بالغا بالميكانيكا والطاقة الكهربية وحينما بلغ سن المراهقة أي في المرحلة الثانوية من التعليم انتقلت عائلته مجددا للعيش في ولاية أخري وهي ولاية فلوريدا الأمريكية وكانت قد بدأت في ذلك الوقت تنشأ علاقة حب بين جيف و ‘الحواسيب’ وكان طالبا نجيبا في المرحلة الثانوية. بعد الإنتهاء من المرحلة الثانوية اراد الإلتحاق بالجامعة لدراسة الفيزياء لكن سرعان ماعدل عن هذه الفكرة ليختار الشئ الذي احبه وهو علم الحواسيب ‘Computer Since’ ولم يكن الكثيرون يعرفون ماهو الإنترنت في ذاك الوقت ومع ذلك كان هذا هو الوقت الذي بدات فيه الولايات المتحدة بتنمية مجال الإنترنت وكل مايتعلق به فبدأت الكثير من الشركات الكبري تدخل بشكل أو بآخر الي مجال الإنترنت.
بعدما تخرج بيزوس من الجامعة بشهادة في علم الحاسوب التحق بالعمل في إحدي شركات البورصة في وولستريت وكان موظفا في قسم الحواسيب الذي كان
مجال دراسته فتقدم في الوظيفة سريعا حتي وصل إلي الإدارة وفي هذه الأثناء وحتي عام 1994 لم يكن يوجد مايسمي اليوم بالتجارة الإلكترونية.
– فكرة تأسيس موقع أمازون
لاحظ چيف الإقبال الكبير وزيادة مستخدمي الإنترنت فبدأ يفكر بعمل مشروع تجاري متعلق بالإنترنت وليس مجرد مشروع تجاري تقليدي فبدأ ببساطة بملاحظة اكثر البضائع التي يتم إرسال كاتالوغات لها عبر البريد إلي المشترين وبدأ بالتفكير في كيفية عمل هذا النوع من التجارة بشكل إحترافي عبر شبكة الإنترنت، لاحظ جيف أن تجارة الكتب لم تكن رائجة عبر البريد وذلك لان عمل كتالوغ يعرض الكتب الموجودة في إحدي المكتبات سيكون كبيرا بعض الشئ وسيصعب إرساله بالبريد، فقرر أن يتعلم شيئا عن تجارة الكتب.
في اليوم التالي قرر السفر لحضور معرض كبير لبيع الكتب وأن يتعلم بنفسه كل مايتعلق بتجارة الكتب وحينما رأي كمية الكتب المباعة في هذا المكان قال في نفسه ‘كل مايتطلبه الأمر هو إنشاء مكان واحد لبيع كل هذه الكتب’ علي شبكة الإنترنت وكانت فكرة جديدة من نوعها أن يتم تجميع اهم الكتب في مكان واحد ويتمكن القراء من العثور علي الكتب التي يودون قرائتها ثم شرائها مباشرة من نفس المكان وعبر الإنترنت (وكان لايزال وقتها موظفا بنفس الشركة).
– مخاطرة مصيرية كبري
لم يكن اصحاب الشركة التي يعمل بها جيف مستعدون لمجاراته في مثل هذه الخطوة عندما اعلمهم بها، فنصحه مديره قائلا ‘انها فكرة جيدة لكن لا انصحك بترك العمل وهذه الفكرة قد تكون أفضل لمن لايمتلك وظيفة جيدة مثل وظيفتك’ وكان علي جيف حينها أن يختار بين خيارين وهما إما الإستمرار في وظيفته بدخل ثابت مضمون أو المخاطرة بترك هذه الوظيفة والتفرغ للمضي في مشروعه، وهو قرار ليس من السهل اتخاذه لانه عبارة عن مخاطرة حياتية إما أن تنجح وتستمر أو قد تفشل ويكون بذلك قد خسر كل شئ. لكن في النهاية قرر الرجل إتخاذ القرار الحاسم وهو ترك العمل والتفرغ للبدء في مشروع ‘بيع الكتب عبر شبكة الإنترنت’ ولكي يحقق احدى امنياته التي كانت عبارة عن امتلاك شركة أو عمل خاص به، وقد كانت زوجته أول وأكبر المشجعين له علي المضي في قراره المصيري وتحقيق مايطمح إليه.
– تأسيس موقع أمازون
لم يلبث جيف وزوجته إلا أن اتخذا قرار السفر الي فلوريدا في عطلة نهاية الأسبوع حيث كان يسكن زوج امه مايك بيزوس الذي اهداه سيارة فاستقل السيارة هو وزوجته بعد ايام من هذا القرار الحرج خاصة انه الآن بلا عمل، متجهين إلي مدينة سياتل وكان يخطط للأمر طوال الطريق فوضع ضمن الخطة المرسومة أسماء متعددة لموقع بيع الكتب لكن نصحه محاميه بعدها بتغييرها حيث أنها لم تكن جيدة فتم تغييره ثلاثة مرات إلي ان استقر الإسم علي “أمازون” نسبة إلي نهر الأمازون في أمريكا الجنوبية نظرا لكثرة فروعه ولأنه كان بالفعل يخطط للإنتشار تماما مثل أفرع هذا النهر، كذلك كان ضمن الخطة إحتمالية فشل كل هذا الأمر بنسبة سبعين بالمائة واحتمالية النجاح بنسبة ثلاثين بالمائة. وأخيرا وصل جيف وزوجته إلي الوجهة المقصودة حيث سيتم تأسيس شركة أمازون.
بدأ بيزوس بتأسيس شركة امازون بعد العمل علي الناحية القانونية مع محاميه، بدأ التأسيس في منزل مكون من غرفتين اللتين كانتا بمثابة مخزن للكتب، وقام بمد الأسلاك اللازمة لأجهزة الحواسيب إلي الچراج وقام بعمل طاولات خشبية من الأبواب القديمة التي لاحاجة لها بأقل التكاليف لوضع الحواسيب عليها..إلي الآن لم يعلم الرجل ان امازون سيصبح المتجر الإلكتروني الأول والأفضل في العالم وأن مغامرته سيكتب لها هذا النجاح الكبير.
احتاج المشروع الي تمويل في البداية ولكن لم يكن يمتلك هو الكثير من المال وقتها فعرض الفكرة علي والديه، أنه بصدد عمل مشروع متعلق بالإنترنت وأن هناك احتمالية بنسبة سبعين بالمائة أن يخسرا أموالهما في حالة عدم نجاح المشروع، فوثقا به وخصصا مبلغ ثلاثمائة ألف دولار أمريكي وكان ذلك المبلغ معظم رأس مالهما من الحياة، لكن اكدا انهما يثقا في قدرات ولدهم وليس في الإنترنت ذاته لأنهما لم يكونا يعرفان ماهو الإنترنت في ذاك الوقت، وبالفعل بعد حوالي العامين من تأسيس أمازون أصبحا أحد المليارديرات بفضل ثقتهم في ولدهم وكذلك أصبح مالكي الأسهم الآخرين من عائلة بيزوس ضمن قائمة مليارديرات أمريكا.
أنشأ جيف النظام “أمازون” عام 1994 بمساعدة صديق ذو خبرة جيدة بالبرمجة وشبكة الإنترنت، ثم قام بسؤال اصدقائه ومعارفه لتجربته قبل إطلاقه والإعلان عنه للعامة، وكانت النتيجه انه عمل بشكل كامل وبلا مشكلة تذكر، فقام علي إثر ذلك في السادس عشر من يوليو عام 1995 بإعلان موقع أمازون في نطاق ليس بالواسع ‘كان عمره حينها واحدا وثلاثين عاما’ فسأل اصدقائه ومعارفه المساعدة في نشره بالحديث إلي الأصدقاء فقط وليس إعلاميا فبدأ بالفعل ببيع الكتب بشكل جيد في بدايته في جميع ولايات امريكا، بجانب عدة دول أجنبية حتي وصل حجم المبيعات الاسبوعي إلي عشرون ألف دولار أمريكي وكل ذلك فقط في ثلاثة أشهر أي في سبتمبر من نفس سنة إطلاقه وهو مالم يكن متوقع فبالتالي حدثت الكثير من الأخطاء لعدم جاهزيته وفريق عمله لاستقبال هذا العدد من الطلبات، لكن سرعان ماتمت إعادة بناء النظام وتدارك الأخطاء حتي تم إطلاق أمازون للعالم بشكل رسمي وموسع عام 1996.
بدأ بيزوس بالعمل علي تطوير الموقع وإضافة خدمات عديدة فأصبح موقع أمازون في غضون عامين تقريبا من انشائه ينافس مكتبات بيع الكتب التقليدية الاكبر في العالم، بل تعداها حتي اصبحت القيمة السوقية لأسهم امازون تفوق اسهم هذه المكتبات بشكل لافت وهو ما لم يتوقعه بيزوس ولا أي شخص آخر، والجدير بالذكر أن هذه المكتبات الكبري شككت كثيرا في البداية في قدرة موقع الكتروني مبتدئ يبيع عبر شبكة الإنترنت علي منافستهم فحدث ذلك بالفعل بل وتفوق موقع امازون عليهم.
– أمازون من أفضل متجر لبيع الكتب إلي أفضل متجر لبيع كل شئ
فكر صاحب أمازون أن يحول موقع أمازون من أفضل موقع لتجارة الكتب في العالم إلي أفضل موقع لتجارة كل شئ في العالم وكان ذلك عام 2000 وبالفعل بعدها بعامين قامت شركات عالمية لبيع الإلكترونيات والملابس والألعاب والمنتجات الرقمية ومنتجات أخري بالتعاقد مع جيف بيزوس صاحب أمازون الذي اشتهر في بقاع كثيرة من العالم ببيع الكتب فتمت إضافة المنتجات التي قاربت الاربعة آلاف ماركة عالمية معروفة فأصبح بالفعل في بضع سنوات أول وأفضل متجر الكتروني يبيع كل شئ في الولايات المتحدة والعالم وحقق مبيعات سنوية وقتها قدرت بعشرة مليارات دولار عام 2006، واليوم خاصة في إطار انتشار التجارة الإلكترونية بنسبة ضخمة حول العالم حقق أمازون عام 2013 مبيعات سنوية قدرت بخمسة وسبعون مليار دولار أي اكثر من سبعة أضعاف ما حققه قبلها بسبعة أعوام بمعدل ضعف المبيعات كل عام، واليوم يحتل أمازون المرتبة الأولي في العالم بين المتاجر الإلكترونية والثانية عالميا في 2014 من حيث ترتيب المواقع بعد جوجل مباشرة أي انه ثاني اهم موقع علي وجه الأرض.
في عام 2007 لم تتوقف طموحات بيزوس الإبتكارية التوسعية حيث قدم للعالم القارئ الإلكتروني الشهير ‘كيندل’ الذي يظهر الكتب بشكل يوحي للقارئ بأنه يقرأ كتابا حقيقيا وليس مجرد القراءة علي جهاز إلكتروني (جهاز متميز بمعني الكلمة) ويمكن من خلاله الإتصال بالإنترنت وتحميل الكتب، وتعديل الخط واللون بالشكل الذي يناسب القارئ. وعند إطلاق هذا الجهاز احتل اكثر من خمسة وتسعين بالمائة من المبيعات الأمريكية لمثل هذه الأجهزة وكان بمثابة انطلاقة أخري في سلسلة نجاحات أمازون.
– الشركات التي يمتلكها مؤسس أمازون
قد يستغرب البعض العلم بان بيزوس يمتلك قاعدة كبري للرحلات الفضائية ومكوك فضائي للمسافرين تحقيقا لأحد أحلامه التي لطالما راودته منذ صغره بالإرتحال إلي عالم الفضاء واستكشافه. كذلك قام جيف بيزوس العام الماضي 2013 بشراء واحدة من اشهر الصحف الأمريكية اليومية والتي تصدر من العاصمة واشنطن وهي ‘واشنطن بوست’ بمبلغ مائتان وخمسون مليون دولار وهو مبلغ بالطبع لايعد شيئا في ثرواته الطائلة. كذلك موقع امازون يمتلك اهم موقع لترتيب مواقع الإنترنت عالميا والذي يعرف بأليكسا.
– أهم عوامل نجاح بيزوس وموقع أمازون
يعزو الكثير من المحللين النجاح السريع والمنقطع النظير لصاحب موقع أمازون إلي الآتي:
- العقلية المخاطرة والمغامرة.
- الإبتكار والإستكشاف بدلا من البحث عن المنافسين ومراقبتهم والإصطدام بهم كما تفعل معظم الشركات الكبري.
- التركيز التام علي إرضاء العملاء فيقول بيزوس في هذا الإطار ‘كلمة العميل السعيد لآخر إحدي اهم عوامل النجاح والإنتشار’
- إدخال جو المنافسة بين الموظفين.
- عدم الإكثار من الكلام حتي في التواصل بين الموظفين فكان قليل الكلام كثير الفعل.
- عدم الإكثار من الموظفين حتي لايعتمد أحدهم علي الآخر وهي كما يقول خبراء من الإستراتيجيات الناجحة التي يطبقها القليلون.
وفي النهاية لايزال صاحب موقع أمازون ذو الخمسين ربيعا يعيش مع زوجته ماكينزي في نفس المدينة التي أنشأ بها شركة أمازون ويعد من أغني رجال العالم اليوم وأفضلهم من حيث استراتيجيات الإدارة والتطوير، هذا الرجل يقولون عنه انه من أسس لما يسمي اليوم بالتجارة الإلكترونية، وهو مع ذلك يقول أنه مازال امامه الكثير من العمل والإبتكارات، والتأسيس لشركة تبقي للأبد لأنه يري أن ذلك لم يحدث بعد! وهذا دأب الناجحين فدائما يرون أن إنجازاتهم يمكن أن تكون افضل مما هي عليه. ومن ناحية العمل الخيري يقول أن العطاء والأعمال الخيرية عنده بنفس أولوية العمل الربحي تماما.
اترك رد