وتسبب الإغلاق الاقتصادي الذي قامت به دول العالم للسيطرة على «كوفيد 19» في تباطؤ سلاسل الإمداد والتجارة التقليدية بين دول العالم، الأمر الذي نجح فيه قطاع التجارة الإلكترونية بين الشركات ال «B2B» لتعويض هذا التباطؤ بنسبة كبيرة.
وعلى مدار عقد من الزمن هيأت دبي البيئة التشريعية والتنظيمية لاستقطاب الشركات العاملة بقطاع التجارة الإلكترونية بكافة مجالاتها لتصبح ضمن أبرز المدن العالمية التي تقدم تسهيلات ورخصاً افتراضية لمزاولة هذا النشاط على الإطلاق.
اعتمد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، في سبتمر/ أيلول 2019 استراتيجية التجارة الإلكترونية في الإمارة، التي أعدها مجلس المناطق الحرة بدبي بالتعاون مع غرفة دبي، ودائرة التنمية الاقتصادية، وجمارك دبي لترسيخ مكانة الإمارة منصة عالمية للتجارة الإلكترونية، انطلاقاً من أهميتها في دفع عجلة النمو ودعم سياسات التنويع الاقتصادي، وذلك عبر تحفيز شركات التجارة الإلكترونية لتأسيس مراكز توزيع إلكترونية لها في دبي، وتشجيع شركات الخدمات السحابية على إنشاء مراكز للبيانات في دبي.
وتستهدف الخطة تعزيز مكانة دبي منصة لوجستية عالمية للمنطقة ليبلغ حجم التجارة الإلكترونية 12 مليار درهم في الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2023، وذلك عبر عدد من المبادرات المحفزة ومراجعة الرسوم والاشتراطات وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع التجارة الإلكترونية، لضمان مساهمة القطاع في زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دبي.
وتحتضن دبي مناطق متخصصة للتجارة الإلكترونية هي: مشروع «دبي كوميرسيتي»، أول منطقة حرة للتجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومنطقة «إي.زي. دبي» في حرة «دبي الجنوب»، كما أطلقت «اقتصادية دبي» في وقت سابق من العام الماضي مبادرة الرخصة التجارية الافتراضية، الأولى من نوعها على مستوى المنطقة.
إنجاز أعمال بناء «دبي كوميرسيتي» الربع الأخير 2020
قال د.محمد الزرعوني مدير عام سلطة المنطقة الحرة بمطار دبي «دافزا»: ينسجم مشروع دبي كوميرسيتي مع المستهدفات الاستراتيجية لإمارة دبي الرامية لتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي للإمارة، ويؤكد على النظرة الاستشرافية للإمارة على صعيد تحديد التوجهات الاقتصادية المستقبلية وتوفير البنى التحتية وكافة عناصر تطور هذه القطاعات التي تشهد نمواً متصاعداً، من بينها قطاع التجارة الإلكترونية الذي شهد نمواً استثنائياً خلال الفترة الماضية في ظل ما شهده العالم نتيجة لظاهرة تفشي فيروس «كوفيد-19» والاعتماد على مثل هذا النوع من التجارة بشكل كبير من قبل المستهلكين.
وأضاف الزرعوني، أن مشروع «دبي كوميرسيتي» سيجمع تحت مظلته كافة الأطراف الرئيسية المعنية بقطاع التجارة الإلكترونية، بما يشكل منظومة متكاملة لهذا القطاع تدفع بنموه على مستوى المنطقة بشكل عام وإمارة دبي بشكل خاص.
وأوضح أن «دبي كوميرسيتي» التي يجري تطويرها على مساحة 2.1 مليون قدم مربعة وبتكلفة تصل إلى 3.2 مليار درهم تعد أول منطقة حرة للتجارة الإلكترونية في المنطقة وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، وتهدف إلى الارتقاء بمكانة دبي باعتبارها مركزاً إقليمياً للتجارة الإلكترونية، لتكون موطناً لمنظومة التجارة الإلكترونية في المنطقة من خلال ما تقدمه من خدمات متميزة وقيمة مضافة للمتعاملين.
مواكبة النمو السريع
وأشار الزرعوني إلى أن «دبي كوميرسيتي» تعمل على مواكبة النمو السريع والمتزايد لقطاع التجارة الإلكترونية في ظل اعتماد الشركات والأفراد على التسوق عبر الانترنت، حيث وفرت للمتعاملين لديها مقراً لأعمالهم في سلطة المنطقة الحرة بمطار دبي «دافزا» بشكل مؤقت إلى أن يتم الانتهاء من جميع أعمال بناء «دبي كوميرسيتي» وجهوزية المرافق فيها وذلك خلال الربع الأخير من العام 2020.
وقال الزرعوني: إن «دبي كوميرسيتي» شهدت خلال الشهور الأخيرة تزايداً ملحوظاً في الطلبات من المتعاملين والشركات الجديدة الراغبة بالانتقال إلى المنطقة الحرة الجديدة أو إطلاق أعمالها فيها، فيما يتم حالياً إنهاء المراحل الأخيرة من العقود لهذه الشركات، إذ تطمح الشركات للاستفادة من الخدمات العملية التي توفرها «دبي كوميرسيتي، إلى جانب خيارات التراخيص لتأسيس الأعمال وحزم خدمات الدعم للشركات على المستويات الفنية، فضلاً عن ما تتمتع به من مزايا تنافسية جاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الأسواق الإقليمية، منها الموقع الاستراتيجي على مقربة من مطار دبي الدولي لتوفر وصولاً مباشراً للمعنيين بالتجارة الإلكترونية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا، وعبر شبكات الطرق السريعة الرئيسية في إمارة دبي ودولة الإمارات، إضافة إلى حلول الشحن والخدمات اللوجستية عالية المستوى والبنية التحتية المتكاملة والمتطورة التي تربطها بالمنافذ البرية والبحرية.
إصدار التراخيص ورسوم التسجيل مجاناً
قال الزرعوني: إن دبي كوميرسيتي توفر مجموعة من الحزم للشركات التي جرى تعديلها خلال أزمة كوفيد-19 والتي تشمل إصدار التراخيص ورسوم التسجيل بشكل مجاني، وغيرها من التعديلات بما يتناسب مع تفضيلات المتعاملين.
وأوضح الزرعوني أنه بحسب الدراسة الجديدة الصادرة عن ستاتيسكا فإن سلوك المستهلكين في دولة الإمارات قد تغير بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، حيث أشار 34% من المشاركين في الدراسة إلى ازدياد عمليات شرائهم عبر الإنترنت خاصة للمنتجات التي اعتادوا أن يشتروها من المحال خلال فترة الأزمة.
وأضاف الزرعوني أنه في إطار منهجيتها القائمة على الأبحاث، أطلقت دبي كوميرسيتي أواخر العام 2018 تقريراً خاصاً حول قطاع التجارة الإلكترونية وفرص نموه في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا، والذي يساعد الشركات العالمية والناشئة على تقييم الفرص التي يوفرها قطاع التجارة الإلكترونية على مستوى المنطقة وستقوم دبي كوميرسيتي بإطلاق نسخة محدثة من التقرير خلال الربع الأخير من العام 2020.
محسن أحمد: “إي زي” تضم 8 شركات رئيسية في التجارة الإلكترونية
قال محسن أحمد، المدير التنفيذي للمنطقة اللوجستية في منطقة دبي الجنوب الحرة: إن المنطقة تعد مشروعاً عصرياً لحكومة دبي تم إطلاقه العام 2006 وفق رؤية تستهدف بناء مدينة متكاملة تضم مطاراً دولياً في جنوب جبل علي على مساحة 145 كيلو متراً مربعاً، تجسد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في بناء موطن لأفراد مبدعين وسعداء ذي مجتمع مترابط، ومكان مفضل للعيش والعمل والاستثمار ومركز عالمي للأعمال ضمن مدينة ذكية مستدامة بمواردها.
وأضاف أحمد: تم إنشاء المنطقة اللوجستية لتكون مدينة حلول لوجستية متكاملة ذات كفاءات عالية، تقدم حلولاً متطورة لمنظومة سلسلة التوريد العالمية، وتقوم المنطقة اللوجستية، البالغة مساحتها 18 كيلو متراً مربعاً بتسهيل حركة البضائع عبر ممر لوجستي يتيح نقل الشحن من ميناء جبل علي إلى مطار آل مكتوم الدولي في غضون 20 دقيقة.
وتعد منطقة إي.زي. دبي منطقة حرة للتجارة الإلكترونية من أهم المشاريع في المنطقة اللوجستية في دبي الجنوب والتي تمتد على مساحة 920 ألف متر مربع مخصصة لتعزيز مراكز التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات والمنطقة، حيث تقدم مجموعة من حلول الأعمال للشركات متعددة الجنسيات والشركات الصغيرة والمتوسطة.
منطقة لوجستية متطورة
وقال أحمد: تتألف إي.زي. دبي من 6 مناطق مخصصة لدعم شركات التجارة الإلكترونية المحلية والإقليمية وتلبية مختلف احتياجاتها من المكاتب ومختبرات الابتكار وحاضنات الأعمال ومراكز للتوزيع والإصلاح والإرجاع والتوريد.
وحول عدد شركات التجارة الإلكترونية المسجلة في إي.زي. دبي حالياً قال أحمد: بلغ عدد الشركات المسجلة في منطقة إي.زي. دبي 8 شركات رئيسية في قطاع التجارة الإلكترونية وهناك محادثات مع مستأجرين يعملون في متاجر التجزئة الإلكترونية وتجار التجزئة الذين يرغبون في الانتقال إلى المنطقة.
المرحلة التطويرية الثانية
وأعرب أحمد عن تطلع إي.زي. دبي لاستهداف شركات التجارة الإلكترونية الصغيرة والمتوسطة، ضمن المرحلة التطويرية الثانية للمشروع التي ستوفّر مجموعة متنوعة من المرافق اللوجستية وحلول الأعمال المصممة للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة ومختبرات الابتكار وحاضنات الأعمال لدعم الشركات المحلية والإقليمية والعابرة للقارات التي تخدم الأعمال على مستوى الشركات أو المستهلكين النهائيين، كما نعمل على استقطاب الشركات التي تعمل يداً بيد مع متاجر التجزئة الإلكترونية، مثل شركات التوصيل المحلية والعالمية، وذلك تنفيذاً لخطتنا لجعل المنطقة مركزاً إقليمياً متكامل الخدمات.
اترك رد